الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: أبجد العلوم **
روى عن أبي عبيدة، والأصمعي، وأبي زيد. وروى عنه المبرد وجماعة، وهو أول من دون علم الصرف، وكان إماما في العربية، متسعا في الرواية، يقول بالإرجاء، وكان لا يناظره أحد إلا قطعه بقدرته على الكلام، وقد ناظر الأخفش في أشياء كثيرة فقطعه. قال المبرد: ولم يكن بعد سيبويه أعلم بالنحو منه. وأخذ عن الأخفش، وقيل: عن الجرمي، واختلف إليه إلى أن برع، وكان يناظره، وكان يقول: من أراد أن يصنف كتابا في النحو بعد كتاب سيبويه فليستحي، مات في سنة 248، كذا قال الخطيب البغدادي، وقال غيره: مات سنة 230. كان من أحذق أهل الأدب، وأعلمهم بالنحو والتصريف، وعلمه بالصرف أقوى وأكمل من علمه بالنحو. وسببه: أنه كان يقرأ النحو بجامع الموصل، فمر به أبو علي الفارسي، فسأله عن مسألة في التصريف، فقصر فيها، فقال له أبو علي: (تَزَبَّبْتَ قبل أن تحُصرم) فلزمه من يومئذ مدة أربعين سنة، واعتنى بالتصريف، ولما مات أبو علي، تصدّر ابن جني (3/ 33) مكانه ببغداد، وأخذ عنه عبد السلام البصري، وأبو الحسن السمسمي. قال في دمية القصر: وليس لأحد من أئمة الأدب في فتح المخلقات، وشرح المشكلات ما له، سيما في علم الإعراب، وكان يحضر عند المتنبي، ويناظره في النحو، من غير أن يقرأ عليه شيئا من شعره، أنفة وإكبارا لنفسه، وكان المتنبي يقول فيه: هذا رجل لا يعرف قدره كثير من الناس، صنف الخصائص في النحو وغيره، مولده قيل: سنة 303، ومات في صفر من سنة 392. جمال الدين أبو عبد الله الطائي الجياني الشافعي النحوي، نزيل دمشق، إمام النحاة، وحافظ اللغة. قال الذهبي: ولد سنة 600، أو سنة 601، وسمع بدمشق من السخاوي، والحسن الصباح، وجماعة. وأخذ العربية عن غير واحد، وجالس بحلب ابن عمرون وغيره، وتصدر بها لإقراء العربية، وصرف همته إلى إتقان لسان العرب، حتى بلغ فيه الغاية، وحاز قصب السبق، وأربى على المتقدمين. وكان إماما في القراءة وعللها. وأما اللغة، فكان إليه المنتهى في الإكثار من نقد غريبها، والاطلاع على وحشيها. وأما النحو والتصريف، فكان فيه بحرا لا يجارى، وبرا لا يبارى. وأما أشعار العرب التي يستشهد بها على اللغة والنحو، فكان الأئمة الأعلام يتحيرون فيه، ويتعجبون من أين يأتي بها! وكان نظم الشعر سهلا عليه، رجزه وطويله وبسيطه وغير ذلك، هذا ما هو عليه من الدين المتين، وصدق اللهجة، وكثرة النوافل، وحسن السمت، ورقة القلب، وكمال العقل، والوقار، والتؤدة. أقام بدمشق مدة يصنف ويشغل. روى عنه ابنه الإمام بدر الدين، والشمس بن أبي الفتح، والبدر بن جماعة، (3/ 34) والعلاء بن العطاء، وخلق. انتهى كلام الذهبي. قال أبو حيان: لم يكن لابن مالك شيخ مشهور يعتمد عليه، إلا أن بعض تلامذته ذكر أنه قال: قرأت على ثابت بن حيان، وجلست في حلقة أبي علي بن الشلوبين نحوا من ثلاثة عشر يوما، ولم يكن ثابت بن حيان من أئمة النحو، وإنما كان من أئمة المعربين. قال السيوطي: وله شيخ جليل هو: ابن يعيش الحلبي. وأما تصانيفه فكثيرة جدا، منها: الألفية في النحو، تسمى الخلاصة، والعمدة، وإكمال العمدة وشرحها، والتسهيل وشرحه، ولم يتم، وقصيدة في الأفعال، وأرجوزة في المثلث، وقصيدة في المقصور والمدود وشرحها، وإعراب بعض أحاديث صحيح البخاري، وقصيدة في الضاد والظاء، وأخرى فيما هو مهموز وغير مهموز، وتعريف في الصرف وشرحه، وسبك المنظوم وفلك المحتوم، إلى غير ذلك، تصدر بالتربة العادلية، والجامع المعمور، وتخرج به جماعة كثيرة، وصنف تصانيف مشهورة، وإذا صلى بالعادلية - وكان إمامها - يشيعه قاضي القضاة شمس الدين بن خلكان إلى بيته تعظيما له، وكان آية في الاطلاع على الحديث، وإذا لم يجد شاهدا في القرآن عدل إلى الحديث، ثم إلى أشعار العرب، وكان كثير العبادة والنوافل، حسن السمت، كامل العقل. وانفرد عن المغاربة بشيئين: الكرم، ومذهب الشافعية، وكان الشيخ زكي الدين القريع يقول: إن ابن مالك ما خلى للنحو حرمة، توفي ابن مالك رحمه الله ثاني عشر شعبان سنة 672، اثنتين وسبعين وستمائة. الكردي، الدويني الأصل، الأسنائي المولد، المقري، النحوي، المالكي، الأصولي، الفقيه، صاحب التصانيف المنقحة، ولد سنة 570، أو سنة (3/ 35) 571 بِأَسْنا من الصعيد. قال الذهبي: وكان أبوه جنديا كرديا حاجبا للأمير عز الدين موسك (الصَّلاَحِيّ) - (قال مازن بن مرشد الصَّلاَحِيّ، مُحَقِّق هذا الكتاب: و هو أحد أجدادنا القدماء) -، اشتغل في صغره بالقاهرة، وحفظ القرآن، وأخذ بعض القراءة عن الشاطبي، وسمع منه اليسير، وقرأ بالسبع على أبي الجود، وسمع من البوصيري وجماعة، وتفقه على أبي منصور الأنباري وغيره، وتأدب على ابن البناء، ولزم الاشتغال حتى برع في الأصول والعربية، وأتقنها غاية الإتقان، وكان من أذكياء العالم. ثم قدم دمشق، ودرس بجامعها في زاوية المالكية، وأكبَّ الفضلاء على الاشتغال عليه، والأخذ عنه، وكان الأغلب عليه النحو والعربية، وصنف في الفقه مختصرا، وفي الأصول مختصرا آخر أكبر منه، سماه: المنتهى، وفي النحو الكافية، وشرحها، ونظمها الوافية، وشرحها، وفي التصريف الشافية، وشرحها، إلى غير ذلك، وكل مصنفاته في غاية الحسن والإفادة، ورزقت قبولا تاما لحسنها وجزالتها. وقد خالف النحاةَ في مواضع، وأورد عليهم إشكالات وإلزامات مفحمة، يعسر الجوابات عنها، وكان فقيها مناظرا، مفتيا مبرزا في عدة علوم، متبحرا، ثقة، دينا، ورعا، متواضعا، مطرحا للتكلف. ثم دخل مصر، هو والشيخ عز الدين بن عبد السلام، وتصدر هو بالفاضلية، ولازمه الطلبة. قال ابن خلكان: وكان من أحسن خلق الله ذهنا، وجاءنا مرارا بسبب أداء شهادات، وسألته عن مواضع في العربية مشكلة، فأجاب أبلغ إجابة بسكون كثير، وتثبت تام. انتهى. ثم انتقل إلى الإسكندرية ليقيم بها، فلم تطل مدته هناك، ومات بها في سنة 646، وأسنا: بلدة صغيرة من أعمال القوصية، بالصعيد الأعلى من مصر. النحوي، الحضرمي، (3/ 36) الإشبيلي، كان لواء العربية في زمانه بالأندلس. قال ابن الزبير: أخذ عن الرباح، والشلوبين، ولازمه مدة، ثم كانت بينهما منافرة ومقاطعة، وتصدر للاشتغال مدة، وأقبل عليه الطلبة، وكان أصبر الناس على المطالعة، لا يمل من ذلك، ولم يكن عنده ما يؤخذ عنه غير النحو، ولا تأهل لغير ذلك. وقال الصفدي: ولم يكن عنده ورع، وجلس في مجلس شراب، فلم يزل يرجم بالتاريخ، إلى أن مات في رابع عشر ذي القعدة سنة 669، أو سنة 661، ومولده سنة 599، وصنف الممتع في التصريف. قال السبكي، في طبقات الشافعية: نزيل تبريز، كان إماما، فاضلا، دينا، خيرا، وقورا، مواظبا على العلم، وإفادة الطلبة. أخذ عن القاضي ناصر الدين البيضاوي، وصنف شرح منهاجه، وشرح الحاوي في الفقه، لم يكمل، وشرح الشافية لابن الحاجب، وشرح الكشاف. مات في رمضان سنة ست وأربعين وسبعمائة بتبريز - رحمه الله.- صاحب شرح الهادي المشهور، الذي أكثر الجاربردي من النقل عنه في شرح الشافية. قال السيوطي: وقفت عليه بخطه، وذكر في آخره: أنه فرغ عنه في بغداد سنة 654، ومتن الهادي له أيضا، وله التصريف المشهور: بالغربي، وله مؤلفات في العروض والقوافي، وخطه في غاية الجودة، وعلى مختصره في التصريف شروح مفيدة مشهورة عند أبناء الزمان، أفضلها وأحسنها شرحا السعد التفتازاني، والسيد الشريف الجرجاني - رحمهما الله تعالى -. شرح الشافية مزجا، وهو مشهور متداول. قال السيوطي: لم أقف له على ترجمة. (3/ 37) صاحب مراح الأرواح. قال السيوطي: لم أقف له على ترجمة، وعليه شروح مفيدة، يتداولها المتأدبون من الصبيان، والمراح: طبع بالهند مرارا. - وقيل: ابن سفيان -، أبو الأسود الدؤلي الكوفي المولد، البصري المنشأ، كان من سادات التابعين، ومن أكمل الرجال رأيا، وأسدهم عقلا، شيعيا، سريع الجواب، ثقة في حديثه. روى عن أبي ذر وغيره، وصحب علي بن أبي طالب، وشهد معه صفين، وقدم على معاوية، فأكرمه وأعظم جائزته. وولي قضاء البصرة، وهو أول من وضع علم النحو، ونقط المصحف. مات سنة 69 للهجرة بطاعون الجارف، وعمره خمس وثمانون سنة، وقيل: إنه مات قبل الطاعون، بعلة الفالج. وتخرج به: معاذ بن مسلم الهراء، وخلَّف أبو الأسود خمسة نفر أدَّبوا الناس. أولهم: عيينة بن معدان الفيل، ولم يكن فيمن أخذ عنه النحو أبرع منه. وثانيهم: ميمون الأقرن. وثالثهم: يحيى بن يعمر العدواني التابعي. قال الحاكم: فقيه، أديب، نحوي مبرز؛ سمع ابن عمر، وجابرا، وأبا هريرة. ورابعهم... وخامسهم: ابنا أبي الأسود: عطاء، وأبو حزب. ثم خلَّف هؤلاء رجالا، أحدهم: عبد الله الحضرمي، أحد الأئمة في القراءة والعربية. (3/ 38) وثانيهم: عيسى الثقفي، إمام في النحو، وأخذ عنه الأصمعي، وصنف في النحو: الإكمال، والجامع؛ يقال: إن له نيفا وسبعين مصنفا، ذهبت كلها؛ مات سنة 149، أو سنة 150. ثالثهم: أبو عمرو بن العلاء المازني النحوي المقري، أحد القراء السبعة، والأصح أن اسمه: ريان. قال أبو عبيدة: كان أعلم الناس بالقراءة، والعربية، وأيام العرب، والشعر؛ وكانت دفاتره تملأ بيته إلى السقف، ثم تنسك فأحرقها، وكان من أشراف العرب، مدحه الفرزدق، ووثقه يحيى بن معين. قال الذهبي: قليل الرواية للحديث، وهو صدوق حجة في القراءة، وكان نقش خاتمه: وإنّ امرأ دنياه أكبر همّه ** لمستمسك منها بحبل غرور مات سنة 154، أو سنة 159، ثم خلفهم: خليل بن أحمد، وتقدم ترجمته، ثم أخذ منه سيبويه، وجمع العلوم التي استفاد منها في كتابه، فجاء كتابه أحسن من كل كتاب صُنِّف في النحو إلى الآن. أبو بشر، وقيل: أبو الحسن، مولى بني الحارث بن كعب. وسيبويه: لقب فارسي، ومعناه: رائحة التفاح، كانت أمه ترقصه بذلك في صغره. وقيل: كان تشم منه رائحة الطيب. وقيل: كان يعتاد شم التفاح. وقيل: للطافته، لأن التفاح من لطاف الفواكه. وقيل: لأن وجنتيه كأنهما تفاحتان، وكان في غاية الجمال، ونظائره: نفطويه، وعمرويه، وخالويه، وغير ذلك. (3/ 39) والعجم يقولون: سيبُوْيَه، بضم الباء، وسكون الواو، وفتح الياء، لأنهم يكرهون أن يقع في آخر الكلمة: ويه، فإنها للندبة، قاله ابن خلكان. وكان أصله من بيضاء، من أرض فارس، نشأ بالبصرة؛ وأخذ عن الخليل، ويونس، وأبي الخطاب الأخفش، وعيسى بن عمر، وكان في لسانه حبسة، وقلمه أبلغ من لسانه، وناظر هو والكسائي في قولهم: (كنت أظن أن العقرب أشد لسعة من الزنبور، فإذا هو هي، أو: هو إياها). فاختار سيبويه الرفع. وقال الكسائي: النصب. و رجّح العرب جانب الكسائي. ومات بالبيضاء، وقيل: بشيراز، سنة 180، وعمره اثنتان وثلاثون سنة. وقيل: نيّف على أربعين، وقيل: مات بالبصرة سنة 161، وقيل: سنة 188. وقال ابن الجوزي: مات بساوة سنة 179، تسع وسبعين ومائة. من ولد: بهمن بن فيروز، إمام الكوفيين في النحو واللغة، وأحد القراء السبعة. وسُمِّي الكسائي: لأنه أحرم في كساء، واستوطن بغداد، وتعلم النحو على كبر، وخدم عمرو بن العلاء سبع عشرة سنة، وجلس في حلقة خليل، وكان يديم شرب النبيذ، ويأتي الغلمان، وأدب الأمين: ولد هارون الرشيد، ولم يكن له زوجة ولا جارية، وجرى بينه وبين أبي يوسف القاضي، ومحمد بن الحسن الفقيه الحنفي مجالس، حكاها في طبقات النحاة وغيرها، وله مع سيبويه، وأبي محمد اليزيدي مجالس ومناظرات، ذكر ابن خلكان بعضها في تراجم أربابها، ومات هو، ومحمد بن الحسن بالري، في يوم واحد، وكانا خرجا مع الرشيد، فقيل: دُفن النحو والفقه في يوم واحد، وذلك سنة اثنتين، أو ثلاث، أو تسع وثمانين ومائة، أو اثنتين وتسعين ومائة. (3/ 40) ثم صار الناس فريقين: كوفيا: وشيخهم الكسائي، وتلميذه المبرد. وبصريا: وشيخهم سيبويه، والأخفش تلميذه. إمام العربية ببغداد في زمانه، كان إماما في النحو واللغة. والمبرد: لقب عرف به، واختلف العلماء في سبب تلقيبه بذلك، ذكر له ابن خلكان ترجمة حافلة في تاريخه. أخذ عن الكسائي، والأزدي، وأبي حاتم السجستاني. وروى عنه: إسماعيل الصفار، ونفطويه، والصولي. وكان فصيحا بليغا، مفوها، ثقة، إخباريا، علامة، صاحب نوادر وظرافة. وكان جميلا، لا سيما في صباه. وكان الناس بالبصرة يقولون: ما رأى المبرد مثل نفسه. له تصانيف كثيرة منها: الرد على سيبويه، والكامل، ومعاني القرآن. وكان بينه وبين ثعلب من المنافرة ما صار مثلا، حتى قال الشاعر: وأبداننا في بلدة والتقاؤنا ** عسير كأنا ثعلب ومبرد المتوفى سنة 323 - رحمه الله تعالى.- النحوي اللغوي، المتوفى سنة 441 - رحمه الله.- تلميذ سيبويه، من أهل بلخ، وكان أجلع: وهو الذي لا تنضم شفتاه، ولا تنطبق على أسنانه؛ والأخفش: الصغير العينين، مع سوء بصرهما؛ سكن البصرة، وكان أسن من سيبويه، وكان معتزليا، يقول: ما وضع سيبويه في كتابه شيئا إلا وعرضه علي، وكان يرى أنه أعلم به مني، وأنا اليوم أعلم به منه. وهذا الأخفش: هو الذي زاد في العروض بحر الخبب. (3/ 41) له كتاب المقاييس في النحو، وكتاب الاشتقاق، وكتاب العروض والقوافي، وغير ذلك. ودخل بغداد، وقام بها مدة، وروى بها، وصنف، وقرأ عليه الكسائي كتاب سيبويه سرا، صنف الأوسط في النحو، مات سنة عشر، أو إحدى وعشرين، أو خمس عشرة ومائتين. والأخافش ثلاثة: الأكبر: عبد الحميد بن عبد المجيد. الأوسط: هذا السعيد. الأصغر: علي بن سليمان. وقيل: أربعة: والرابع: أحمد بن عمران. وقيل: أحد عشر: الخامس: أحمد بن محمد الموصلي. السادس: خلف بن عمرو. والسابع: عبد الله بن محمد. الثامن: عبد العزيز بن أحمد. التاسع: علي بن محمد المغربي الشاعر. العاشر: علي بن إسماعيل الفاطمي. الحادي عشر: هارون بن موسى بن شريك - كذا في مدينة العلوم للأرنيقي، رحمه الله -، محمد بن المستنير بن أحمد، أبو علي النحوي، المعروف: بقطرب اللغوي البصري، مولى سالم بن زياد، لازم سيبويه، وكان يدلج إليه، فإذا خرج رآه على بابه، فقال له: ما أنت إلا قطرب ليل! فلقب به. وقطرب: اسم دويبة، لا تزال تدوب ولا تفتر؛ و كان من أئمة عصره. وله من التصانيف: كتاب معاني القرآن، وكتاب الاشتقاق، وكتاب العلل (3/ 42) في النحو، وكتاب غريب الحديث. وهو أول من وضع المثلث في اللغة، وكتابه - وإن كان صغيرا - لكنّ له فضيلة السبق، وروى له ابن المنجم في كتاب البارع بيتين، وهما: إن كنت لست معي فالذكر منك معي ** يراك قلبي إذا ما غبت عن بصري والعين تبصر من تهوى وتفقده ** وباطن القلب لا يخلو عن النظر وكان يرى رأي المعتزلة النظامية، فأخذ عن النظَّام مذهبه، واتصل بأبي دلف العجلي، وأدب ولده، ولم يكن ثقة، وله تصانيف في النحو واللغة وغيرهما، مات سنة ست ومائتين - رحمه الله .- البصري، مولى جرم بن ربان، من قبائل اليمن، وقيل: مولى بجيلة، وفي بجيلة: جرم بن علقمة بن أنمار، والله أعلم بالصواب، وكان يلقب: بالكلب، وبالنبَّاح: لصياحه حال المناظرة. قال الخطيب: كان فقيها، عالما بالنحو واللغة، دينا ورعا، حسن المذهب، صحيح الاعتقاد، روى الحديث، قدم بغداد، وأخذ عن الأخفش ويونس، واللغة عن الأصمعي، ولم يلق سيبويه. وحدث عنه المبرد، وناظر الفراء، وانتهى علم النحو في زمانه، مات سنة خمس وعشرين ومائتين. له من التصانيف: التنبيه، وغيره. وله في النحو: كتاب جيد يعرف: بالفرخ، معناه: فرخ كتاب سيبويه. وكان يقول في قوله تعالى: وكان عالما باللغة، حافظا لها، وله كتب انفرد بها، وكان جليلا في الحديث والأخبار، وله كتاب في السير عجيب، وكتاب العروض، ومختصر في النحو، وكتاب غريب سيبويه. (3/ 43) والجرمي: نسبة إلى عدة قبائل، كل واحدة منها يقال لها: جرم، ولا أعلم إلى أيهم ينسب هذا الجرمي، ولم يكن منهم، وإنما نزل فيهم فنسب إليهم، قاله ابن خلكان. قال الخطيب: كان من أهل الفضل والدين، حسن الاعتقاد، جميل المذهب، كان يخرط الزجاج، مات سنة 311، وسئل عن سنه عند العرفات: فعقد سبعين، وسمع منه، يقول: اللهم احشرني على مذهب أحمد بن حنبل - رضي الله عنه -، له كتاب مختصر في النحو، وكتاب فعلت وأفعلت، وكتاب ما ينصرف ومالا ينصرف، أخذ الأدب عن المبرد، وثعلب، وغير ذلك. قال المرزباني: كان أحدث أصحاب المبرد، مع ذكاء وفطنة، قرأ عليه كتاب سيبويه، ثم اشتغل عليه بالموسيقى، وعول على مسائل الأخفش والكوفيين، وخالف أصول البصريين في مسائل كثيرة، يقال: ما زال النحو مجنونا حتى عقله ابن السراج بأصوله. أخذ عنه السيرافي، والفارسي، والرماني، مات شابا في ذي الحجة سنة 316، وكان أحد الأئمة المشاهير، المجمع على فضله، ونبله، وجلالة قدره في النحو والأدب. أخذ عنه جماعة من الأعيان، منهم: السيرافي، والرماني، وغيرهما؛ ونقل عنه الجوهري في كتاب الصحاح في مواضع عديدة. وله التصانيف المشهورة في النحو. منها: كتاب الصحاح، في مواضع عديدة. وله التصانيف المشهورة في النحو. منها: كتاب الأصول، وهو من أجود الكتب المصنفة في هذا الشأن، وإليه المرجع عند اضطراب النقل واختلافه، وشرح كتاب سيبويه، وكان يلثغ في الراء فيجعلها غينا، والسَّرَّاج: بفتح السين والراء المشددة وبعد الألف جيم: هذه النسبة إلى عمل السُّروج. (3/ 44) أبو جعفر النحوي الفارسي، أحد من اشتهر وعلا قدره، وكثر علمه، جيد التصنيف، صحب المبرد، ولقي ابن قتيبة. وأخذ عنه الدارقطني، وغيره. وكان شديد الانتصار للبصريين في النحو واللغة. وَثَّقَهُ ابن مندة، وغيره. ضَعَّفه هبة الله اللالكائي، ولد سنة 258، ومات سنة 347، وصنف الإرشاد في النحو، والرد على المفضل في الرد على الخليل، وغريب الحديث، وغيرها. ضبطه السمعاني: دُرستُويه: بضم الدال والتاء، وقال ابن ماكولا: دَرَسَتويه: بفتح الثلاث الأُوَل محمد بن يزيد الخزاعي، المعروف بابن الأزهر النحوي، قال الخطيب: حدث عن المبرد، وكان مستمليه، وروى عنه أبو الفرج الأصبهاني، والدارقطني. قال: كان ضعيفا، يروى المناكير، وقال غيره: كان كذا بأقبح الكذب، مات سنة 325، عن نيف وتسعين. ولد بطريق رامهرمز. وأخذ عن المبرد، وأكثر بعده عن الزجاج، وكان قيما بالنحو. أخذ عنه الفارسي والسيرافي، وكان ضنينا، لا يُقري كتاب سيبويه إلا بمائة دينار، وكان مع علمه ساقط المروءة، سخيفا، وإذا أراد أن يمضي إلى مكان بعيد، طرح نفسه في طريق حمال، وشدّه بحبل، وربما كان معه تمر وغيره، فيأكل ويرمي الناس بالنوى، يتعمد رؤوسهم، وربما بال على رأس الحمال، فإذا قيل له يعتذر، له شرح كتاب سيبويه، لم يتم. قال الزبيدي: توفي سنة 365 - رحمه الله.- النحوي، قال الزبيدي: وليس هذا بالقديم الذي له العروض والمعمى. قال الخطيب: كان يحفظ المذهبين البصري والكوفي في النحو، لأنه أخذ عن المبرد وثعلب، وكان أبو بكر بن مجاهد يقول: كان أنحى منهما. (3/ 45) قال ياقوت: لكنه إلى مذهب البصريين أميل. وقال ابن الأنباري: خلط المذهبين، فلم يضبط منهما شيئا. قال أبو حيان التوحيدي: ما رأيت مجلسا، أكثر من فائدة، وأجمع لأصناف العلوم والتحف، من مجلسه! وكان يجتمع على بابه نحو من مائة رأس من الدواب للرؤساء والأشراف الذين يقصدونه، وكان إقباله على صاحب الرقعة والخِلَق كإقباله على صاحب الديباج والدابة والغلام، مات رحمه الله سنة 32 هـ. ويقال له: الفسوي أيضا، لأنه ولد بمدينة فسا، من أعمال فارس. أخذ عنه: السيرافي، والرماني، ثم تتلمذ له: عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني، وفاق أكثر من تقدمه في التحقيق والتدقيق، ولو لم يكن له سوى كتاب أسرار البلاغة ودلائل الإعجاز، لكفاه شرفا وفخرا؛ كان أوحد زمانه في علم العربية. أخذ عن الزجاج، وابن السراج؛ وطوف بلاد الشام، وأقام بحلب عند سيف الدولة، وجرت بينه وبين المتنبي مجالس، قال تلامذته: إنه أعلم من المبرد، وكان متهما بالاعتزال، انتقل إلى بلاد فارس، وصحب عضد الدولة وتقدم عنده؛ وله كتاب الإيضاح والتكملة في النحو، وقصته فيه مشهورة، والكلمة في التصريف؛ توفي ببغداد سنة 377، ذكر له ابن خلكان ترجمة حسنة في تاريخه، فَلْيرُجعْ إليه. قال ابن عساكر في تاريخ دمشق، وابن العديم في تاريخ حلب: كان فاضلا يعلم اللغة والنحو، عارفا بعلوم كثيرة، شرح الإيضاح، وسكن دمشق، وأقرأ بها، ومات بطرابلس سنة سبع وستين وأربعمائة - رحمه الله.- أبو سعيد السيرافي، النحوي. قال ياقوت: كان أبوه مجوسيا، اسمه: بهزاد، فأسلم، فسماه ابنه: أبو سعيد عبد الله، وكان بينه وبين أبي الفرج الأصبهاني - صاحب كتاب الأغاني - ما جرت العادة (3/ 46) بمثله بين الفضلاء من التنافس، وسِيراف: بكسر السين: بلدة من بلاد فارس، على ساحل المجر، مما يلي كرمان، خرج منها جماعة من العلماء، وكان يدرس ببغداد: علوم القرآن، والنحو، واللغة، والفقه، والفرائض. أخذ اللغة عن ابن دريد، والنحو عن أبي السراج. قال أبو حيان التوحيدي: السيرافي: شيخ الشيوخ، وإمام الأئمة؛ له معرفة بالنحو، والفقه، واللغة، والشعر، والعروض، والقوافي، والقرآن، والحديث، والكلام، والحساب، والهندسة؛ أفتى في جامع الرصافة خمسين سنة على مذهب أبي حنيفة، فما وجد له خطأ، ولا عثر له على زلة؛ وقضى ببغداد - مع الثقة، والديانة، والأمانة، والرزانة - أربعين سنة، أو أكثر الدهر، وكان نزها، عفيفا، جميل الأمر، حسن الأخلاق، معتزليا، ولم يظهر منه شيء، وكان لا يأكل إلا من كسب يده، ينسخ، ويأكل منه. وقال في محاضرات العلماء: شيخ الدهر، قريع العصر، العديم المثل، المفقود الشكل، ما رأيت أحفظ منه نظما ونثرا، وكان دينا، ورعا، تقيا، زاهدا، عابدا، خاشعا، له دأب بالنهار من القراءات والخشوع، ووِرْد بالليل من القيام والخضوع، ما قُرئ عليه شيء قط فيه ذكر الموت والبعث ونحوه إلا بكى وجزع، ونغص عليه يومه وليلته، وامتنع من الأكل والشرب، وما رأيت أحدا من المشائخ كان أذكر لأحيان الشباب، وأكثر تأسفا على ذهابه منه. وكان إذا رأى أحدا من أقرانه عاجله الشيب تسلى به. قال في الإمتاع: هو أجمع لشمل العلم، ونظم مذاهب العرب، وأدخل في كل باب، وأخرج من طريق، وألزم للجادة الوسطى في الخلق والدين، وأروى للحديث، وأقضى للأحكام، وأفقه في الفتوى، كتب إليه ملوك عدن كتبا مصدرة بتعظيمه، تسأله فيها عن مسائل في الفقه والعربية واللغة، وكان حسن الخط، طُلب أن يقرر في ديوان الإفتاء فامتنع، وقال: هذا من يحتاج إلى درية، وأنا عار منها، وسياسة، وأنا غريب فيها. (3/ 47) وقال الخطيب: كان زاهدا ورعا، لا يأخذ على الحكم أجرا، إنما كان يأكل من كسب يمينه، فكان لا يخرج إلى مجلسه حتى ينسخ عشر ورقات بعشرة دراهم، تكون قدر مؤونته، وكان أبو علي وأصحابه يحسدونه كثيرا، مولده بسيراف قبل السبعين ومائتين، وفيها ابتدأ طلب العلم، وخرج إلى عمان وتفقه بها، وأقام بالعسكر مدة، ثم ببغداد، إلى أن مات بها في خلافة الطائع، ثاني رجب يوم الإثنين سنة 368. وله من التصانيف: شرح كتاب سيبويه، لم يسبق إلى مثله، وحسده عليه أبو علي الفارسي، وغيره من معاصريه، - رحمه الله تعالى رحمة واسعة.- كان يعرف أيضا: بالإخشيدي، وبالوراق، وهو: بالرماني أشهر. كان إماما في العربية، علاّمة في الأدب، في طبقة الفارسي والسيرافي، معتزليا، ولد في سنة 374. وأخذ عن: الزجاج، وابن السراج، وابن دريد. قال أبو حيان التوحيدي: لم ير مثله قط علما بالنحو، وغزارة بالكلام، وبصيرة بالمقالات، واستخراجا للعويص، وإيضاحا للمشكل، مع تنزه ودين، وفصاحة وعفاف ونظافة، وكان يمزج النحو بالمنطق، حتى قال الفارسي: إن كان النحو ما يقول الرماني، فليس معنا منه شيء، وإن كان ما نقوله نحن، فليس معه منه شيء. قال السيوطي: النحو ما يقوله الفارسي، وهذه مؤلفات الخليل وسيبويه، ومعاصريهما، ومن بعدهما بدهر، لم يعهد فيها شيء من ذلك؛ مات الرماني سنة 384. وله تصانيف مفيدة، منها: شرح أصول ابن السراج، وشرح مختصر الجرمي، وشرح المقتضب، وغير ذلك مما لا يحصى، وأصله من سرّ من رأى. (3/ 48) والرماني: نسبة إلى الرمان وبيعه، أو إلى قصر الرمان: وهو قصر بواسط معروف، وقد نسب إلى هذا وهذا خلق كثير من الناس. النحوي، ابن أخت أبي علي الفارسي. قال ياقوت: أخذ عن خاله علم العربية، وطوّف الآفاق، ورجع إلى الوطن، وكان خاله أوفده على الصاحب بن عباد إلى الري، فارتضاه وأكرم مثواه، وورد بخراسان، ونزل بنيسابور دفعات، وأملى بها من الأدب والنحو ما سارت به الركبان، وآل أمره إلى أن اختص بالأمير إسماعيل بن سبكتكين بغزنة، ووزره، ثم عاد إلى نيسابور، ثم جاور مكة، ثم عاد إلى غزنة، ورجع إلى نيسابور، ثم انتقل إلى إسفرائن، ثم استوطن جرجان، إلى أن مات. قرأ عليه أهلها، منهم: عبد القاهر الجرجاني، وليس له أستاذ سواه. وله تصانيف، منها: الهجاء، وكتاب مائة الشعر، مات - رحمه الله - سنة 421، إحدى وعشرين وأربعمائة. الإمام المشهور، أخذ النحو عن محمد الفارسي المذكور، ولم يأخذ عن غيره، لأنه لم يخرج عن بلده، وكان من كبار أئمة العربية والبيان، شافعيا، أشعريا، صنف: المغني في شرح الإيضاح، والمقتصد في شرح إعجاز القرآن، والعوامل المائة، والعمدة في التصريف، ومن مصنفاته: دلائل الإعجاز وأسرار البلاغة في علمي المعاني والبيان، وهما: الآية الكبرى، واليد البيضاء في العلمين المذكورين، وإليهما ينتهي علم من تأخر في ذينك العلمين، وغير ذلك من التصانيف، مات سنة 471، أو سنة 476. و من شعره: كبِّر على العلم يا خليلي ** و مِلْ إلى الجهل ميل هائم وعش حمارا تعش سعيدا ** فالسعد في طالع البهائم (3/ 49) وقال أيضا: لا تأمنِ النفثة من شاعر ** ما دام حيا سالما ناطقا فإن من يمدحكم كاذبا ** يحسن أن يهجوكم صادقا ذكر له الصلاح الكتبي ترجمة مختصرة في فوات الوفيات، وهؤلاء الأعلام الذين ذكرتهم كلهم: من تلامذة سيبويه، إمام أهل البصرة، وأما تلامذة الكسائي، إمام أهل الكوفة، فأشهر هؤلاء: الفراء، وبعده: أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب، وبعده: القاسم بن محمد الأنباري. أما الفراء، فهو: يحيى بن زياد الديلمي إمام العربية، كان أعلم الكوفيين بالنحو بعد الكسائي. أخذ عنه، وعليه اعتمد، وأخذ عن يونس، وأهل الكوفة يدّعون: أنه استكثر عنه، وأهل البصرة يدفعون ذلك. وكان يحب الكلام، ويميل إلى الاعتزال، وكان متدينا، متورعا، على تيه وعجب وتعظيم، كان زائد العصبية على سيبويه، وكان كتابه تحت رأسه، وكان يتفلسف في تصانيفه، ويسلك ألفاظ الفلاسفة، وكان أكثر مقامه ببغداد، فإذا كان آخر السنة أتى الكوفة، فأقام بها أربعين يوما، يفرق في أهله ما جمعه، وكان شديد المعاش، لا يأكل، وجمع مالا خلفه لابن له شاطر. له تصانيف مفيدة، منها: معاني القرآن التي يلحن فيها العامة، مات بطريق مكة سنة 207، عن سبع وستين سنة. قال ثعلب: لولا الفراء لما كانت عربية، لأنه خلّصها وضبطها، ذكر له ابن خلكان ترجمة طويلة. قال الفرّاء: إن طباع أهل البدو الإعراب، وطباع أهل الحضر اللحن، فإذا تحفظت لم ألحن، وإذا رجعت إلى الطباع لحنت، وإنما قيل له: الفرَّاء - ولم يكن (3/ 50) يعمل الفراء ولا يبيعها - لأنه كان يفري الكلام، ذكره السمعاني في كتاب الأنساب. إمام الكوفيين في النحو واللغة، ولد سنة مائتين، وابتدأ النظر في العربية والشعر واللغة سنة ست عشر، وحفظ كتب الفراء، فلم يشذ منها حرف، وعني بالنحو أكثر من غيره، فلما أتقنه أكب على الشعر والمعاني، ولازم ابن الأعرابي بضع عشرة سنة، وسمع من نفطويه وغيره، قيل: إنما فَضَل أهل عصره بالحفظ للعلوم التي تضيق عنها الصدور. قال أبو الطيب اللغوي: كان ثعلب يعتمد على ابن الأعرابي في اللغة، وعلى سلمة بن عاصم في النحو، ويوري عن ابن أبي نجدة كتب أبي زيد، وعن الأثرم كتب أبي عبيد، وعن أبي فص كتب الأصمعي، وعن عمرو بن أبي عمر كتب أبيه. وكان ثقة، حجة، صالحا، مشهورا بالحفظ، وصدق اللهجة، والمعرفة بالعربية، ورواية الشعر القديم، مقدما عند الشيوخ منذ هو حدث، متفننا، يستغني بشهرته عن نعته، وكان ضيق النفقة. قال أبو بكر بن مجاهد: قال لي ثعلب: يا أبا بكر، اشتغل أصحاب القرآن بالقرآن ففازوا، وأصحاب الحديث بالحديث ففازوا، وأصحاب الفقه بالفقه ففازوا، واشتغلت أنا بزيد وعمرو، فليت شعري ماذا تكون حالي؟ فانصرفت من عنده، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم تلك الليلة، فقال لي: أقرئ أبا العباس عني السلام، وقل له: أنت صاحب العلم المستطيل. وقال أبو عمرو الزاهد: سئل ثعلب عن شيء فقال: لا أدري، فقيل له: أتقول لا أدري، وإليك تُضرب أكباد الإبل، وإليك الرحلة من كل بلد؟ فقال: لو كان لأمك بعدد ما لا أدري بعر لاستغنت. صنف: الفصيح، وهو صغير الحجم، كثير الفائدة. وثقل سمعه في آخر عمره، ثم صُمّ، انصرف يوم الجمعة من الجامع بعد العصر، وإذا بدوابّ من ورائه، فلم يسمع صوت حافرها فصدمته، فسقط على رأسه (3/ 51) في هوّة من الطريق، فلم يقدر على القيام، فحُمل إلى منزله، ومات منه سنة 291، وذكره الداني في طبقات القراء. ومن تصانيفه: كتاب المصون، وكتاب اختلاف النحويين، وكتاب معاني القرآن، وكتاب ما تلحن فيه العامة، وكتاب ما يجري وما لا يجري، إلى غير ذلك. النحوي، كان محدثا، إخباريا، عارفا بالأدب والنحو والغريب، ثقة، مات في سنة 327. كان علاّمة وقته في العربية، وأكثر الناس حفظا لها، وكان صدوقا، دينا، ثقة، خيرا، من أهل السنة، صنف كتبا كثيرة في: علوم القرآن، وغريب الحديث، أثنى عليه الخطيب في تاريخ بغداد، سكن بغداد، وروى عنه جماعة من العلماء، وكان يحفظ ثلاثمائة ألف بيت، شاهد لما في القرآن الكريم، وقال: أحفظ ثلاثة عشر صندوقا، وكان يحفظ مائة وعشرين تفسيرا للقرآن بأسانيدها. وله غريب الحديث، خمسة وأربعون ألف ورقة. وكتاب شرح الكافي، نحو ألف ورقة؛ والمذكر والمؤنث، ما عمل أحد أتم منه؛ ورسالة المشكل، ردّ فيها على ابن قتيبة، وأبي حاتم. وكانت ولادته سنة 271. هذه مشاهير علماء الأدب، وهذه ترجمتهم بالاختصار، ولم يخلف من بعدهم مثلهم إلا قليلا، وستعرفهم إن شاء الله تعالى. محمد بن الطاهر الحسين بن موسى بن محمد بن موسى بن إبراهيم بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق - عليه السلام - المعروف بالموسوي، صاحب ديوان الشعر، ذكره الثعالبي في كتاب اليتيمة، وهو الإمام المشهور، شارح الكافية لابن الحاجب، الذي لم يُؤلَّف عليها، ولا في غالب كتب النحو مثله، جمعا وتحقيقا، وحسنَ تعليل، ولقبه: نجم الأئمة. قال السيوطي: لم أقف (3/ 52) على اسمه، ولا على شيء من ترجمته، إلا أنه فرغ من تأليف هذا الشرح سنة 483، وأخبرني صاحبنا المؤرخ شمس الدين بن عزم بمكة: أن وفاته سنة 684، أو سنة 686 - الشك مني -، وله شرح على الشافية. انتهى. قال في مدينة العلوم: يُروى أن الرضي كان على مذهب الرفض، يحكى عنه أنه كان يقول: العدل في عمر ليس بتحقيق موضع - قوله: العدل في عمر تقديري، نعوذ بالله من الغلو في البدعة، والعصبية في الباطل - يقال: إنه ليس في المتأخرين من اطلع على تدقيقات كتاب سيبويه مثله. انتهى. وذكر له ابن الوردي في تاريخه ترجمة، وقال: ذاكره شيخه السيرافي يوما وهو صبي، فقال: رأيتُ عَمْرا، ما علامة النصب في عمرو؟ فقال الرضي: بغض عليٍّ - أشار إلى عمرو بن العاص، وبغضه لعلي - فعجب الحاضرون من ذهنه، مولده سنة 359 ببغداد، ومات في سنة 406. قلت: ولو قال بدل قوله: (بغض عليّ): خفض عليّ، لكان أبدع، وهو أشعر الطالبيين على كثرة شعرائهم المفلقين. انتهى. وذكر له ابن خلكان ترجمة حسنة، وأثنى عليه، وكان أنجب سادات العراق، يتحلى مع محتده الشريف، ومفخره المنيف، بأدب ظاهر، وفضل باهر، وحظ من جميع المحاسن وافر، ولو قيل: (إنه أشعر قريش)، لم يبعد عن الصدق، يشهد بذلك شاهد عدل من شعره العالي القدح، الممتنع عن القدح، الذي يجمع إلى السلامة متانة، وإلى السهولة رصانة، ويشتمل على معان يقرب جناها، ويبعد مداها، وديوانه في أربع مجلدات. توفي بكرة يوم الأحد، سادس المحرم، وقيل: صفر ببغداد، ودفن في داره، بخط مسجد الأنباريين، بالكرخ، وقد خربت الدار، ودرس القبر، ومضى أخوه المرتضى إلى (3/ 53) مشهد موسى بن جعفر، لأنه لم يستطع أن ينظر إلى تابوته ودفنه. العلوي الإسترابادي، أبو الفضائل، السيد ركن الدين، شارح الكافية. قال ابن رافع في تاريخ بغداد: قدم مراغة، واشتغل على نصير الدين، وكان يتوقد ذكاء وفطنة أخذ أصول الفقه عن السيف الآمدي، مات سنة 715. وقال الأسنوي: سنة 718. قال الصفدي: كان شديد التواضع، يقوم لكل أحد حتى السقَّاء، شديد الحلم، وافر الجلالة عند التتار، عاش بضعا وسبعين سنة. صاحب شرح الحاجبية، سماه: الموشح. قال السيوطي: لا أعرف من ترجمته زيادة على هذا. قلت: خبيص: قرية من قرى كرمان، ونسبته إليها، لا إلى بائع الخبيصة - كما توهمه بعض الناس - وعلى هذا الشرح فوائد مهمة للشريف الجرجاني - رحمه الله.- شارح الكافية، بلغ غاية لا يمكن الزيادة عليها في لطف التحرير، وحسن الترتيب؛ وشهرة حاله أغنتنا عن التعرض لترجمته - قدس سره .- ابن محمد البسطامي، من أولاد الإمام فخر الدين الرازي، المعروف: بمصنفك، لأنه صنف كتبا شريفة في حداثة سنه، والكاف: في لغة العجم: للتصغير، وكان الفخر الرازي يصرح في مصنفاته: بأنه من أولاد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، وذكر أهل التاريخ: أنه من أولاد أبي بكر الصديق، ولد مصنفك في سنة 803، وسافر مع أخيه إلى هراة لتحصيل العلم في سنة 823، ذُكر له في مدينة العلوم تصانيف كثيرة، يجل وصفها، وهي بالعربية والفارسية، وفي علم النحو، والأدب، والمعاني، والبيان، والفقه، والأصول، والمنطق، والحكمة، والتفسير، إلى غير ذلك. النحوي، الحلبي، موفق الدين، المشهور: بابن (3/ 54) يعيش، وكان يعرف: بابن الصائغ، ولد في رمضان في سنة 553 بحلب، كان من كبار أئمة العربية، ماهرا في النحو والتصريف سمع الحديث على الخطيب الطوسي بالموصل، وقدم دمشق، وجالس تاج الدين الكندي، وتصدر بحلب للإقراء زمانا، وطال عمره، وشاع ذكره، وغالب فضلاء حلب تلامذته، وكان حسن الفهم، لطيف الطبع، طويل الروح على المبتدي والمنتهي، ظريف الشمائل، كثير المجون. حدث عنه جماعة، آخرهم: أبو بكر الدشتي، مات في سنة 643. قال ابن خلكان: لما وصلت إلى حلب، لأجل الاشتغال بالعلم الشريف - وكان دخولي إليها سنة 628، وهي إذ ذاك أم البلاد، مشحونة بالعلماء والمشتغلين، وكان الشيخ موفق الدين شيخ الجماعة في الأدب، لم يكن فيهم مثله - فشرعت في القراءة عليه، وكان يقرئ بجامعها، في المقصورة الشمالية، بعد العصر، وبين الصلاتين بالمدرسة الرواحية، وكان عنده جماعة قد تنبهوا وتميزوا به، وهم ملازمون مجلسه، لا يفارقونه في وقت الإقراء، وابتدأت بكتاب اللمع لابن جني، فقرأت عليه معظمها، مع سماعي لدروس الجماعة الحاضرين، وله شرح كتاب المفصل للزمخشري، شرحه شرحا مستوفيا، وليس في جملة الشروح مثله، وشرح تصريف الملوكي لابن جني شرحا جيدا، وانتفع به خلق كثير من أهل حلب وغيرها، حتى أن الرؤساء الذين كانوا بحلب ذلك الزمان كانوا تلامذته - رحمه الله -. الشيخ جمال الدين الحنبلي، النحوي، الأنصاري، أبو محمد، الشهير: بابن هشام صاحب كتاب مغني اللبيب. قال في الدرر الكامنة: ولد سنة 708، ولزم الشهاب عبد اللطيف بن المرحل، وسمع على ابن حيان ديوان زهير بن أبي سلمى، وحضر دروس التاج التبريزي، وقرأ على التاج الفاكهاني شرح الإشارة له، إلا الورقة الأخيرة، وتفقه (3/ 55) للشافعي، ثم تحنبل، وذلك قبل موته بخمس سنين، وأتقن العربية، ففاق الأقران، بَلِ الشيوخ. وتخرج به جماعة من أهل مصر وغيرهم، وتصدر لنفع الطالبين، وانفرد بالفوائد الغريبة، والمباحث الدقيقة. انتهى ملخصا. قال ابن خلدون: ما زلنا ونحن بالمغرب، نسمع أنه ظهر بمصر عالم بالعربية، يقال له: ابن هشام، أنحى من سيبويه، وكان كثير المخالفة لأبي حيان، شديد الانحراف عنه، صنف: مغني اللبيب عن كتب الأعاريب، واشتهر في حياته، وأقبل الناس عليه. انتهى. قال السيوطي: وقد كتبت عليه حاشية وشرحا لشواهده، توفي ليلة الجمعة، خامس ذي القعدة، سنة إحدى وستين وسبعمائة الهجرية. النحوي، كان من الفضلاء، وله تصانيف مفيدة، وكتاب في النحو، اسمه: التفاحة، وكتاب الكافي في النحو، وكتاب الناسخ والمنسوخ. روى عن النسائي، وأخذ النحو عن أبي الحسن الأخفش، والزجاج، وابن الأنباري، ونفطويه، وأعيان أدباء العراق؛ وكان قد رحل إليهم من مصر، وكانت فيه خساسة وتقتير على نفسه، وإذا وهب عمامة قطعها ثلاث عمائم، بخلا وشحا، وكان يلي شراء حوائجه بنفسه، ويتحامل فيها على أهل معرفته، مع هذا فكان للناس رغبة كبيرة في الأخذ عنه، فنفع وأفاد. وأخذ عنه خلق كثير، توفي بمصر سنة 338. والنَّحَّاس: نسبة إلى من يعمل النُّحَاس، وأهل مصر يقولون لمن يعمل الأواني الصفرية: النَّحَّاس - والله أعلم بالصواب -. (3/ 56)
|